السنة السادسة من ولاية السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب على مصر، وهى سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
فيها تزوّج السلطان صلاح الدين يوسف بالخاتون عصمة الدّين بنت الأمير معين الدين أنر «١» زوجة الملك العادل نور الدين محمود، وكانت بقلعة دمشق.
وفيها كانت فتنة مقدّم السّودان من صعيد مصر، سار من الصعيد إلى مصر فى مائة ألف أسود، ليعيد الدولة المصريّة الفاطميّة، فخرج إليه أخو صلاح الدين الملك العادل أبو بكر، وأبو الهيجاء الهكّارىّ، وعزّ الدين موسك بمن معهم من عساكر مصر؛ والتقوا مع السّودان، فكانت بينهم وقعة هائلة، قتل كبير السودان المذكور ومن معه. قال الشيخ شمس الدين يوسف فى مرآة الزمان:«يقال إنهم قتلوا منهم ثمانين ألفا وعادوا إلى القاهرة» .
وفيها خرج السلطان صلاح من دمشق إلى مصر، واستناب أخاه شمس الدولة توران شاه على الشام. وجاءت الفرنج إلى داريّا «٢» ، فأحرقوا ونهبوا وعادوا.
وفيها أمر السلطان صلاح الدين قراقوش الخادم بعمارة سور القاهرة ومصر، وضيّع فيه أموالا كثيرة ولم ينتفع به أحد.
وفيها أبطل صلاح الدين المكوس التى كانت تؤخذ من الحاج بجدّة، ممّا يحمل فى البحر؛ وعوّض صاحب مكّة عنها فى كلّ سنة ثمانية آلاف اردبّ قمحا تحمل إليه فى البحر، [ويحمل «٣» مثلها] فتفرّق فى أهل الحرمين.