[ذكر نكبة الملك المؤيد أحمد ابن الملك الأشرف إينال وخلعه من الملك]
لما كان آخر يوم الجمعة سابع عشر شهر رمضان من سنة خمس وستين المذكورة رسم السلطان الملك المؤيد أحمد لنقيب الجيش الأمير ناصر الدين محمد بن أبى الفرج أن يدور على الأمراء مقدمى الألوف، ويعلمهم أن السلطان رسم بطلوعهم من الغد في يوم السبت إلى الحوش السلطانى من قلعة الجبل بغير قماش الموكب، ولم يعلمهم لأى معنى يكون طلوعهم واجتماعهم في هذا اليوم بالقلعة، وهو غير العادة، فدار دوادار نقيب الجيش على الأمراء وأعلمهم بما رسم به السلطان من طلوعهم إلى القلعة، وأخذ الأمراء من هذا الأمر أمر مريج «١» ، وخلا كل واحد بمن يثق به، وعرفه الخبر، وهو لا يشك أن السلطان يريد القبض عليه من الغد، وماجت الناس وكثر الكلام بسبب ذلك، وركبت الأعيان بعضها على بعض، وأما الأمراء فكل منهم تحقق أنه مقبوض عليه من الغد، ووجد لذلك من كان عنده كمين من الملك المؤيّد أو يريد إثارة فتنة فرصة، وحرّض بعضهم بعضا؛ إلى أن ثارت المماليك الظاهريّة في تلك الليلة، وداروا على رفقتهم وإخوانهم وعلى من له غرض في القيام على الملك المؤيّد، وداموا على ذلك ليلتهم كلها.
فلما كان صبح نهار السبت تفرّقوا على أكابر الدّولة والأمراء في بيت الأتابك خشقدم لعمل المصلحة، فداروا على الأمراء، وأمسكوا منهم جماعة كبيرة، وأحضروهم إلى بيت الأتابك خشقدم، على كره من خشقدم، وسارت فرقة في باكر النهار إلى