بيت الأمير بردبك الأشرفى الدّوادار الثانى الملاصق لمدرسة السلطان حسن، وأحضروه إلى بيت الأمير الكبير خشقدم، بعد أن أخرقوا به.
هذا وقد اجتمعت طوائف المماليك، مثل الناصريّة فرج، والمؤيدية شيخ، والأشرفية برسباى، والظاهرية جقمق، والسيفية، الجميع في بيت الأمير الكبير، ولم يطلع إلى القلعة في هذا اليوم أحد من الأمراء والأعيان إلا جماعة يسيرة جدا.
فلما تكامل جمعهم في بيت الأمير الكبير، وأكثر الطوائف يوم ذاك الأشرفية والظاهرية، وكبير الأشرفية الأمير قرقماس أمير مجلس، ولا كلام له، بل الكلام لجانبك القجماسى الأشرفى المشدّ، ولجانبك من «١» أمير الخازندار، والظاهرية كبيرهم جانبك نائب جدّة، أحد مقدمى الألوف، وقد صارت خچداشيته يوم ذاك في طوع يده وتحت أوامره؛ لحسن سياسته وجودة تدبيره، فانضمت كلمة الظاهريّة به، حتى صارت كلمة واحدة، وهم حسّ «٢» وهو المعنى، وهذا بخلاف الأشرفية، فإنهم وإن كانوا هم أيضا متفقين فالاختلاف بين أكابرهم موجود بالنسبة إلى هؤلاء، وعدم اكتراثهم بهذا الأمر المهم، ولتطلّعهم على مجىء خچداشهم الأمير جانم نائب الشام، ولو أنّ أمر المؤيد طرقهم على بغتة ما طاوعوا على الرّكوب في مثل هذا اليوم قبل مجىء خچداشهم.
فأخذ الأمير جانبك نائب جدّة المذكور في تأليف الأشرفية على الظاهرية بحسن تدبير، حتى تمّ له ذلك، وصاروا على كلمة واحدة، ثم شرعوا في الكلام بحضرة الأمراء في الاجتماع بسببه، فتكلم بعض من حضر من الأمراء بأن قال:«أيش المقصود بهذا الجمع؟» أو معنى هذا الكلام، فأجاب الجميع بلسان واحد:«نريد خلع الملك المؤيد أحمد من السلطنة، وسلطنة غيره» .