السنة السادسة من سلطنة الملك الظاهر جقمق على مصر وهى سنة سبع وأربعين وثمانمائة.
فيها توفى الشيخ الإمام العالم [الفقيه]«١» الربانى الصوفى [الشاذلى]«٢» ، شمس الدين محمد بن حسن، المعروف بالشيخ الحنفى، بزاويته خارج قنطرة طقزدمر، من ظاهر القاهرة فى أوائل شهر ربيع الأوّل، وهو فى حدود الثمانين، ودفن بزاويته المذكورة. وكان ديّنا خيرا فقيها عالما مسلّكا؛ كان يعظ الناس ويعلمهم، وكان على وعظه رونق ولكلامه وقع فى القلوب، وأفنى عمره فى العبادة وطلب العلم وإطعام الطعام وبر الفقراء والقادمين عليه، وكان محظوظا من الملوك، ولهم فيه اعتقاد ومحبة زائدة، وصحب الوالد سنين كثيرة، ثم الملك الظاهر ططر، ونالته منه السعادة فى أيام سلطنته، واجتمعت به غير مرة، وانتفعت بمجالسته [١٨٣] ، وكان الناس فيه على قسمين: ما بين متغال إلى الغاية، وما بين منكر إلى النهاية. قلت: وهذا شأن الناس فى معاصريهم «٣» ، رحمه الله تعالى «٤» .