في أيامه في غاية الأمن. قيل: إن أبا جعفر المنصور كان إذا ذكره يقول: هو رجل يخافني ولا يخاف الله. واستمر على إمرة مصر إلى أن عزله الخليفة محمد المهدىّ بسالم بن سوادة في محرم سنة أربع وستين ومائة، وفرح المصريون بعزله عنهم؛ فكانت ولايته على مصر سنة وشهراً إلا أياماً. وقال صاحب «البغية» : سلتين وشهراً، والأول أثبت. وهو أحد من مهد الديار المصرية وأباد أهل الحوف من قيس ويمن وغيرهم من قطاع الطريق؛ وكان من أجل أمراء مصر لولا شدة كانت فيه.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ١٦٣]
السنة الأولى من ولاية أبي صالح يحيى بن داود على مصر وهي سنة ثلاث وستين ومائة- فيها جدّ الأمير سعيد الحرسىّ في حصار المقنع حتى أشرف على أخذ قلعته، فلما أحس المقنع بالهلاك مص سما وأسقى نساءه فتلف وتلفوا. وفيها عزل الخليفة محمد المهدي عبد الصمد بن علي عن إمرة الجزيرة وولاها زفر بن عاصم الهلالي. وفيها ولى المهدي ابنه هارون الرشيد بلاد المغرب كلها وأذربيجان وأرمينية، وجعل كاتبه على الخراج ثابت بن موسى، وعلى رسائله يحيى بن خالد بن برمك.
وفيها قدم المهدي إلى حلب وجهز البعوث لغزو الروم، وكانت غزوة عظيمة، أمر عليها ابنه هارون الرشيد وضم إليه الربيع الحاجب وموسى «١» بن عيسى بن موسى والحسن بن قحطبة، فافتتح المسلمون فتحاً كبيراً. وفيها قتل المهدي جماعة من الزنادقة وصلبهم وأحضرت كتبهم فقطعت. وفيها زار المهدي القدس، وحج بالناس علي بن