السنة الثانية من ولاية السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب على مصر، وهى سنة ثمان وستين وخمسمائة.
فيها سار الملك العادل نور الدين محمود صاحب دمشق إلى الموصل، وصلّى بالجامع الذي بناه وسط الموصل وتصدّق بمال عظيم. ولمّا علم صلاح الدين صاحب الترجمة بتوجّهه إلى الموصل خرج بعساكره من مصر إلى الشام، وحصر الكرك والشّوبك ونهب أعمالهما؛ ثم عاد لمّا بلغه عود نور الدين إلى الشام. وهذه أوّل غزوات صلاح الدين.
وفيها توفّى الأمير نجم الدين أيّوب بن شادى بن مروان والد صلاح الدين المذكور. كان أميرا عاقلا حازما شجاعا جوادا عاطفا على الفقراء والمساكين محبّا للصالحين، قليل الكلام جدّا لا يتكلّم إلّا لضرورة. ولمّا قدم مصر سأله ولده السلطان صلاح الدين صاحب الترجمة أن يكون هو السلطان، فقال: أنت أولى. وكان سبب موته أنّه ركب يوما وخرج من باب النّصر يريد الميدان «١» ، فشبّ به فرسه فوقع على رأسه، فأقام ثمانية أيام ومات فى ليلة الثلاثاء السابع والعشرين من ذى الحجّة، ودفن إلى جانب أخيه أسد الدين شيركوه بن أيوب فى الدار