أصحاب الأرباع والحارات فلم يعرف؛ ففرح التسعة بذلك ووثقوا بالمقام بالقاهرة لقضاء مرادهم. واتّفق للخليفة الآمر أن يمضى إلى الرّوضة- حسب ما ذكر فى أوّل ترجمته- وأنّه يجوز على الجسر الذي من مصر إلى جزيرة الرّوضة للمقام بها أياما للفرجة. وكان من شأن الخلفاء أنهم يشيعون الركوب فى أرباب خدمتهم حيثما قصدوا حتّى لا يتفرّقوا عنه، وأيضا لا يتخلّف أحد عن الركوب؛ فعلم النّزارية التسعة بركوبه فجاءوا إلى الجزيرة، ووجدوا قبالة الطالع من الجسر فرنا، فدخلوا فيه قبل مجىء الخليفة الآمر، ودفعوا إلى الفرّان دراهم وافرة ليعمل لهم بها فطيرا بسمن وعسل؛ ففرح الفرّان بها وعمل لهم الفطير؛ فما هو بأكثر ممّا أكلوه، ولم يتموا أكلهم إذ طلع الخليفة الآمر من آخر الجسر، وقد تفلّل عنه الرّكابيّة ومن يصونه لحرج الجواز على الجسر لضيقه، فلمّا قابلوه وثبوا عليه وثبة رجل واحد وضربوه بالسكاكين حتى إنّ واحدا منهم ركب وراءه وضربه عدّة ضربات؛ وأدوكهم الناس فقتل التسعة. وحمل الآمر فى عشارىّ «١» إلى قصر «٢» اللّؤلؤة، وكان ذلك فى أيّام النيل، ففاضت نفس الآمر قبل وصوله إلى اللؤلؤة. وقد تقدّم عمر الآمر ومدّة خلافته فى أوّل ترجمته، فلا حاجة لذكر ذلك ثانيا. وقيل: إنّ بعض منجّميه كان عرّفه أنّه يموت مقتولا بالسكاكين، فكان الآمر كثيرا ما يلهج بقوله: الآمر مسكين، المقتول بالسكين.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٤٩٦]
السنة الأولى من ولاية الآمر منصور على مصر وهى سنة ستّ وتسعين وأربعمائة.