على مصر سنة واحدة ونحو شهرين وأيّاما مع ما وقع له فيها من الفتن والأنكاد، ولم يعرف حاله فيها لصغر سنه وقصر مدّته- رحمه الله تعالى- والعادل هذا يعرف بالعادل الصغير، والعادل الكبير هو جدّه.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٦٣٦]
السنة الأولى من ولاية الملك العادل الصغير أبى بكر ابن الملك الكامل محمد على مصر، وهى سنة ست وثلاثين وستمائة. على أنّه ولى السلطنة فى شهر رجب منها.
فيها توفّى محمود بن أحمد الشيخ الإمام العلّامة جمال الدين الحصيرىّ الحنفىّ، أصله من بخارى من قرية يقال لها حصير «١»
، وتفقّه فى بلده وسمع الحديث وبرع فى علوم كثيرة، وقدم الشام ودرّس بالنوريّة؛ وانتهت إليه رياسة الحنفيّة فى زمانه، وصنّف الكتب الحسان، وشرح «الجامع «٢»
الكبير» ، وقرأ عليه الملك المعظّم عيسى الجامع الكبير وغيره. وكان كثير الصدقات غزير الدّمعة، عاقلا ديّنا نزها عفيفا وقورا، وكان المعظّم يحترمه ويجلّه. وكانت وفاته فى يوم الأحد ثامن صفر، ودفن بمقابر الصوفيّة عند المنيبع، ومات وله تسعون سنة.
وفيها توفّى عماد الدين عمر ابن شيخ الشيوخ محمد المنعوت بالصاحب، وهو الذي كان السبب فى عطاء دمشق الجواد، فلمّا مضى إلى مصر لامه العادل على ذلك وتهدّده، فقال: أنا أمضى إلى دمشق، وأنزل بالقلعة وأبعث بالجواد إليك، وإن امتنع قمنا عليه؛ فسار إلى دمشق فوصلها قبل مجىء الملك الصالح نجم الدين أيّوب، ونزل بقلعة دمشق وأمر ونهى، وقال: أنا نائب العادل، وأمر الجواد بالمسير