بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحابته وسلم الحمد لله الذي أيد الإسلام بمبعث سيد الأنام، وجعل مدده شاملا لكل خليفة وإمام، فهم ظل الله فى أرضه يأوى اليه كل ملهوف، والزعماء القائمون بنهى كلّ منكر وأمر كل معروف؛ قلّبهم فى أطوارها دولا، وخالف بينهم اعتقادا وقولا وعملا؛ وجعل قصصهم عبرة لأولى الألباب، وتذكرة فى كل خبر وكتاب؛ فمن عدل منهم كان أوّل السبعة «١» ، ومن ظلم كان فى أخباره شنعة؛ أحمده حمدا كثيرا على أن عرّفنا من صلح منهم ومن فسد، ومن هو فى الوغى مدد، وبين الأنام عدد؛ ونشكره على أن أخّرنا عن كل الأمم، وهذا لعمرى من أعظم الإحسان وأسبغ النعم؛ لنعاين ممن «٢» تقدّم آثارهم، ونشاهد منازلهم وديارهم، ونسمع كما وقعت وجرت أخبارهم؛ أعظم بها من منّة جليلة، وكرامة وفضيلة؛ إذ أخبرنا عنهم ما لم يخبروه عنا، ورأينا منهم ما لم يروه منا؛ فلنقابل هذه المنة بالإنصاف، فى كل مترجم ومن اليه انضاف؛ فنخبر بذلك من تأخر عصره من الأقوام، بأفواه المحابر وألسن الأقلام؛