السنة الثانية عشرة من ولاية الحاكم منصور على مصر وهى سنة ثمان وتسعين وثلثمائة.
فيها في يوم عاشوراء عمل أهل الكرخ [ما جرت به «١» ] العادة من النّوح وغيره.
واتفق يوم عاشوراء يوم المهرجان؛ فأخّره عميد الجيوش إلى اليوم الثانى مراعاة لأجل الرافضة، هذا ما كان «٢» ببغداد. فأمّا مصر فإنه كان يفعل بها في يوم عاشوراء من النوح والبكاء والصّراخ وتعليق المسوح أضعاف ذلك لا سيّما أيّام خلفاء مصر بنى عبيد، فإنّهم كانوا أعلنوا الرّفض وسبّ الصحابة من غير تستّر ولا خيفة.
وفيها كانت فتنة عظيمة بين أهل السّنة والرافضة ببغداد.
وفيها زلزلت الدّينور فهدمت المنازل وأهلكت ستة عشر ألف إنسان، وخرج من سلم إلى الصحراء وبنوا لهم أكواخا من القصب، وذهب من الأموال ما لا يعدّ ولا يخصى.
وفيها هدم الحاكم بيعة «٣» قمامة التى ببيت المقدس وغيرها من الكنائس بمصر والشام، وألزم أهل الذمّة بما ذكرناه في ترجمة الحاكم.
وفيها توفّى أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد أبو الفضل الهمذانىّ الملقّب ببديع الزمان، صاحب الرسائل الرائقة، وصاحب المقامات [الفائقة «٤» ] ؛ التى على منوالها نسج الحريرىّ مقاماته، واعترف له بالفضل عليه. وكان إمام وقته في المنثور