بمماليكه وبمن معه من التركمان والعربان وقاتلهم آخر النهار، وباتوا ليلتهم.
وأصبحوا يوم الثلاثاء خامس عشرين ذى الحجة تقدم حسن حاجب الحجاب بمن معه من التركمان والعربان أمام خجاسودون، فتقدم إليهم جانبك الصّوفى بمن معه، وهم نحو الألفى فارس، فقاتلته العساكر المذكورة وقد تفرقوا [فرقتين]«١» : فرقة عليها خجاسودون وحسن حاجب الحجاب المقدم ذكره، وفرقة عليها الأمير تمرباى اليوسفى المؤيدى دوادار السلطان بحلب، وتركمان الطاعة فى كل فرقة منهما.
وتصادم الفريقان فكانت بينهم وقعة هائلة انكسر فيها جانبك الصّوفى، وأمسك الأمير قرمش الأعور، والأمير كمشبغا أمير عشرة، وهما كانا جناحى مملكته، وثمانية عشر فارسا من أصحاب جانبك الصوفى، وانهزم جانبك فى أناس وتبعهم العساكر فلم يقدروا عليهم فعادوا؛ فأخذ خجا سودون قرمش وكمشبغا بمن معهما، وقيّد الجميع وسيّرهم إلى حلب؛ وكتب بذلك إلى السلطان. فقدم الخبر على السلطان فى صفر من سنة أربعين وثمانمائة، ومع المخبر رأس الأمير قرمش الأعور ورأس الأمير كمشبغا أمير عشرة، وأنه وسّط من قبض معهما بحلب، فشهر الرأسان بالقاهرة، ثم ألقيا فى سراب الأقذار بأمر السلطان، ولم يدفنا. ودقت البشائر لذلك أياما، وفرح السلطان بذلك أياما «٢» ، وأرسل إلى نائب حلب وإلى خجا سودون بالشكر والثناء.
ومن يوم ذاك، أخذ أمر جانبك الصّوفى فى إدبار، بعد ما كان اجتمع عليه ملوك وخلائق، لقلة سعده.
قلت: كان جانبك الصّوفى خاملا لا يتحرك بحركة إلا وانعكست عليه طول عمره؛ وقد استوعبنا أحواله فى تاريخنا «المنهل الصافى»«٣» ، ويأتى من ذكره هنا أيضا نبذة فى الوفيات وغيرها إن شاء الله تعالى.
[ما وقع من الحوادث سنة ٨٤٠]
ثم فى أول شهر ربيع الأول من سنة أربعين المذكورة، رسم السلطان بعزل تمراز المؤيدى عن نيابة صفد لسوء سيرته وكثرة ظلمه؛ ونقله إلى نيابة غزة، عوضا عن