هو الملك العزيز عماد الدين أبو الفتح عثمان سلطان الديار المصريّة وابن سلطانها الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن الأمير نجم الدين أيّوب بن شادى ابن مروان الأيّوبىّ الكردىّ الأصل المصرىّ. ولى سلطنة مصر فى حياة والده صورة؛ ثم تسلطن بعد وفاته استقلالا باتّفاق الأمراء وأعيان الدولة بديار مصر، لأنه كان نائبا عن أبيه صلاح الدين بها لمّا كان أبوه مشتغلا بفتح السواحل بالبلاد الشاميّة وتمّ أمره. وكان مولده بالقاهرة فى ثامن جمادى الأولى سنة سبع وستين وخمسمائة. وكان الملك العزيز هذا أصغر من أخيه الملك الظاهر غازى صاحب حلب، وأصغر من أخيه الأفضل صاحب دمشق. وكان الأفضل هو أكبر الإخوة، وهو المشار إليه فى أيّام أبيه صلاح الدين ومن بعده، وهو الذي جلس للعزاء بعد موت صلاح الدين، وصار هو السلطان الأكبر إلى أن ظهر منه أمور، منها: أنّه كان استوزر ضياء الدين «١» الجزرىّ، فأساء ضياء الدين السّيرة؛ وشغّف قلوب الجند إلى مصر، وساروا إليها فالتقاهم الملك العزيز وأكرمهم، وكانوا معظم الصلاحيّة. واشتغل الأفضل بلهوه. وكان القدس فى يده فعجز عنه وسلّمه إلى نوّاب الملك العزيز هذا؛ فبان للناس عجز الأفضل. ثم وقعت الوحشة بين العزيز هذا وبين أخيه الأفضل المذكور. وبلغ الفرنج ذلك، فطمعوا فى البلاد وحاصروا جبلة، وكان بها جماعة من الأكراد فباعوها للفرنج. وبرز الملك العزيز من مصر يريد قتال الفرنج فى الظاهر، وفى الباطن أخذ دمشق من أخيه الأفضل؛