وقد اختلف المؤرّخون فى أمر ولايته على مصر، فمنهم من عدّه من الأمراء، ومنهم من ذكره من الوزراء. ولهذا أخّرنا ترجمته إلى هذه السنة، ولم نسلك فيها طريق أمراء مصر. وقد ذكرنا من تردّده إلى مصر وقتله لشاور وتوليته الوزارة من قبل العاضد نبذة كبيرة فى ترجمة العاضد المذكور. ونذكر ترجمته الآن على هيئة تراجم أمراء مصر؛ ففى مساق هذه الترجمة وفى سياق تلك الترجمة جمع بين القولين، وللناظر فيهما الاختيار، فمن شاء يجعله وزيرا، ومن شاء يجعله أميرا.
هو الملك المنصور أسد الدّين شيركوه بن شادى بن مروان عمّ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب. يأتى بقيّة نسبه وما قيل فى أصله فى ترجمة ابن أخيه صلاح الدين المذكور، من أقوال كثيرة. وقد تقدّم من حديثه نبذة كبيرة. ونسوق ذلك كلّه هنا على سبيل الاختصار، فنقول:
كان شاور قد توجّه إلى الشام يستنجد نور الدين فى سنة تسع وخمسين وخمسمائة؛ فنجده بأسد الدين شيركوه هذا بالعساكر، ووصلوا إلى مصر فى الثانى من جمادى الآخرة من سنة تسع وخمسين، وغدر بهم شاور ولم يف بما وعدهم به؛ فعادوا إلى دمشق وعرّفوا نور الدين بذلك. ثم إنّ شاور ألجأته الضرورة لطلبهم ثانيا «١» خوفا من الفرنج؛ فعاد أسد الدين ثانيا إلى مصر فى شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين؛ وسلك