طريق وادى الغزلان «١» وخرج عند وادى إطفيح، فكانت بينه وبينهم وقعة هائلة.
وتوجّه صلاح الدين إلى الإسكندرية واحتمى بها وحاصره شاور؛ لأنّه كان قد وقّع بينهم وبينه أيضا، واصطلح عليهم مع الفرنج. ثم رجع أسد الدين من الصعيد نجدة لابن أخيه صلاح الدين، وأخذه وسار إلى بلبيس حتّى وقع الصلح بينه وبين المصريّين؛ وعاد إلى الشام. فحنق نور الدين لذلك ولم يمكنه الكلام لاشتغاله بفتح السواحل، ودام ذلك إلى أن وصل الفرنج إلى مصر وملكوها فى سنة أربع وستين وقتلوا أهلها. أرسل العاضد يطلب النجدة من نور الدين فنجدهم بأسد الدين شيركوه، وهى ثالث مرّة، فمضى إليهم أسد الدين وطرد الفرنج عنهم، وملك مصر فى شهر ربيع الأوّل من سنة أربع وستين وخمسمائة. وعزم شاور على قتل أسد الدين وقتل أصحابه أكابر أمراء نور الدين معه؛ ففطن أسد الدين لذلك فاحترز على نفسه. وعلم ذلك صلاح الدين يوسف بن أيوب أيضا، فاتّفق صلاح الدين يوسف مع الأمير جرديك النّورىّ على مسك شاور وقتله؛ واتّفق ركوب أسد الدين إلى زيارة قبر الإمام الشافعىّ- رضى الله عنه- وكان شاور يركب فى كلّ يوم إلى أسد الدين؛ فلمّا توجّه إليه فى هذا اليوم المذكور قيل له: إنّه توجّه إلى الزيارة.
فطلب العود؛ فلم يمكنه صلاح الدين وقال: انزل، الساعة يحضر عمّى. فامتنع فجذبه هو وجرديك فأنزلوه عن فرسه وقبضوا عليه وقتلوه بعد حضور أسد الدين. وقد تقدم ذكر ذلك كلّه مفصلا فى ترجمة العاضد.
وخلع العاضد على الأمير أسد الدين شيركوه المذكور بالوزارة، ولقّبه بالملك المنصور. فلم تطل مدّته ومات بعد شهرين فجأة فى يوم السبت ثانى عشر جمادى