السنة الخامسة عشرة من سلطنة الملك «١» الأشرف برسباى [على مصر]«٢»
وهى سنة تسع وثلاثين وثمانمائة:
[وفيها]«٣» توفى ملك تونس من بلاد إفريقية بالمغرب، السلطان المنتصر بالله أبو عبد الله محمد ابن الأمير أبى عبد الله محمد ابن السلطان أبى فارس عبد العزيز، المقدم ذكره، ابن أحمد الهنتاتى الحفصى «٤» ، فى يوم الخميس حادى عشرين صفر «٥» بتونس. وكان ملك بعد جده أبى فارس، فلم يتهنّ بالملك لطول مرضه، وكثرت الفتن فى أيامه وعظم سفك الدماء، إلى أن مات. وأقيم فى مملكة تونس من بعده أخوه شقيقه عثمان، فقتل عدة من أقاربه وغيرهم.
وكان من خبر المنتصر أنه ثقل فى مرضه حتى أقعد، وصار إذا سار إلى مكان يركب فى عمّاريّة «٦» على بغل، وتردد كثيرا فى أيام مرضه إلى قصره خارج تونس للنزهة به، إلى أن خرج يوما ومعه أخوه أبو عمرو عثمان المقدم ذكره، وهو يوم ذاك صاحب قسطنطينة، وقد قدم عليه [الخبر]«٧» وولاه الحكم بين الناس، ومعه أيضا القائد محمد الهلالى، فصار لهما مرجع أمور الدولة بأسرها، وحجبا «٨» المنتصر هذا عن كل أحد. فلما صارا معه فى هذه المرة إلى القصر المذكور، تركاه به، وقد أغلقا عليه، يوهمان أنه نائم، ودخلا المدينة. واستولى أبو عمرو عثمان المقدم ذكره على تخت الملك، ودعا الناس إلى طاعته ومبايعته، والهلالىّ قائم بين يديه،