السنة الخامسة من ولاية خمارويه على مصر، وهى سنة خمس وسبعين ومائتين- فيها بعث الموفّق جيشا إلى نواحى سرّ من رأى مع الطائىّ، فأخذ صدّيقا الفرغانىّ اللصّ فقطعوا يديه ورجليه وأيدى أصحابه وأرجلهم، وحملوا إلى بغداد على تلك الصورة. وفيها أيضا غزا يا زمان الخادم البحر فأخذ عدّة مراكب للروم. وفيها في شوّال حبس الموفّق ابنه أبا العباس- وأبو العباس هذا هو الذي يلى الخلافة بعد ذلك ويتلقّب بالمعتضد ويتزوّج بقطر النّدى بنث خمارويه صاحب الترجمة- وقد تقدّم ذكر جهازها في أوّل هذه الترجمة- ولما أمسك الموفّق ابنه أبا العباس المذكور تشغّب أصحابه وحملوا السلاح، فركب الموفّق وصاح بأصحاب أبى العباس: ما شأنكم! أترون أنكم «١» أشفق على ولدى منّى! فوضعوا السلاح وتفرّقوا. وفيها حج بالناس هارون بن محمد الهاشمىّ أيضا. وفيها توفى أحمد بن محمد بن الحجاج الفقيه أبو بكر المرّوذىّ «٢» صاحب الإمام أحمد بن حنبل، كان أبوه خوارزميّا وأمه مرّوذية، وكان مقدّما في أصحاب الإمام أحمد لورعه وفضله. وفيها توفّى أحمد بن محمد بن غالب بن خالد أبو عبد الله البصرىّ الباهلىّ ويعرف بغلام خليل، سكن بغداد وحدّث بها، وكان من الأبدال، يسرد «٣» الصوم دائما. وفيها توفّى سعد الأيسر، كان أمير دمشق وكان عادلا وكان من خواصّ أحمد بن طولون، وهو الذي هزم أبا العباس أحمد بن الموفّق لما حارب خمارويه حسبما ذكرناه، وكان سعد يقول عن خمارويه: هذا الصبىّ مشغول باللهو وأنا أكابد الشدائد؛ فبلغ خمارويه