قد تقدّم ذكره فى سلطنته الأولى من هذا الكتاب وذكرنا أيضا سبب خلعه من السلطنة بأخيه الملك الصالح صالح ثم ذكرنا فى ترجمة أخيه الصالح سبب خلع الصالح وإعادة الناصر هذا فلا حاجة لذكر ذلك ثانيا. والمقصود هنا الآن ذكر عود الملك الناصر حسن الى ملكه فنقول: ولمّا قبض على أصحاب الأمير طاز اتّفق صرغتمش مع الأمير شيخون على خلع الملك الصالح من السلطنة وسلطنة الملك الناصر حسن ثانيا وأبرموا ذلك حتى تمّ لهم فقاموا ودخلوا الى القلعة وأرسلوا طلبوا الملك الصالح، فلمّا توجّه اليهم أخذ من الطريق وحبس فى بيت من قلعة الجبل وأرسلوا أشهدوا عليه بأنه خلع نفسه من السلطنة، ثم طلبوا الملك الناصر حسنا من محبسه بالقلعة، وكلّموه فى عوده، وأشرطوا عليه شروطا قبلها. فاخذوه إلى موضع بالقلعة، فيه الخليفة والقضاة، وبايعوه ثانيا بالسلطنة، ولبّسوه تشريف السلطنة وأبّهة الملك، وركب فرس النّوبة ومشت الأمراء بين يديه الى الإيوان، فنزل وجلس على تخت الملك، وقبّلوا الأمراء الأرض بين يديه على العادة، وكان ذلك فى يوم الاثنين ثانى شوّال سنة خمس وخمسين وسبعمائة، ولم يغيّر لقبه بل نعت بالناصر كما كان أوّلا على لقب أبيه، ونودى باسمه بمصر والقاهرة، ودقّت البشائر وتمّ أمره وحالما قلع الملك الناصر خلعة السلطنة عنه، أمر فى الحال بمسك الأمير طاز، فشفع فيه الأمير شيخون لأنه كان أمّنه وهو نزيله، فرسم له السلطان بالتوجّه إلى نيابة حلب، فخرج من يومه وأخذ فى إصلاح أمره، إلى أن سافر يوم الجمعة سادس شوّال وسار حتى وصل حلب، فى الخامس من ذى القعدة، وكانت ولايته لنيابة حلب عوضا عن الأمير أرغون الكاملىّ، وطلب أرغون إلى مصر، فحضر أرغون الى للقاهرة وأقام بها مدّة يسيرة ثم أمسك، وأقام طاز فى نياية حلب، ومعه أخوه كلتاى وجنتمر وكلاهما مقدّمان بها.