السنة الرابعة عشرة من ولاية الحاكم منصور على مصر وهى سنة أربعمائة.
فيها أرجف بموت الخليفة القادر، فجلس للناس «١» بعد صلاة الجمعة ودخل عليه القضاة والأشراف، وعليه أبّهة الخلافة، وقبّل أبو حامد الإسفراينى يده.
وفيها أرسل الحاكم إلى المدينة إلى دار جعفر الصادق من فتحها وأخذ منها ما كان فيها، وكان فيها مصحف وسرير وآلات، وكان الذي فتحها ختكين العضدىّ الداعى، وحمل معه رسوم الأشراف، وعاد إلى مصر بما وجد في الدار؛ وخرج معه من شيوخ العلويّين جماعة؛ فلمّا وصلوا إلى الحاكم أطلق لهم نفقات قليلة [وردّ «٢» عليهم السرير] وأخذ الباقى، وقال: أنا أحقّ به؛ فانصرفوا داعين عليه.
وشاع فعله «٣» فى الأمور التى خرق العادات فيها، ودعى عليه في أعقاب الصلوات وظوهر بذلك، فأشفق فخاف؛ وأمر بعمارة دار العلم وفرشها، ونقل إليها الكتب العظيمة وأسكنها من شيوخ السنّة شيخين، يعرف أحدهما بأبى بكر الأنطاكىّ، وخلع عليهما وقرّبهما ورسم لهما بحضور مجلسه وملازمته «٤» ، وجمع الفقهاء والمحدّثين إليها، وأمر أن يقرأ بها فضائل الصحابة، [ورفع عنهم «٥» الاعتراض في ذلك] وأطلق صلاة التراويح والضحى، وغيّر الأذان وجعل مكان" حىّ على خير العمل"" الصلاة خير من النوم"؛ وركب بنفسه الى جامع عمرو بن العاص وصلّى فيه الضحى، وأظهر الميل الى مذهب الإمام مالك والقول به، ووضع للجامع تنّورا من فضة