يوقد فيه ألف ومائتا فتيلة، واثنين آخرين من دونه. وزفّهم بالدبادب والبوقات والتهليل والتكبير، ونصبهم ليلة النصف من شعبان؛ وحضر أوّل يوم من رمضان الى الجامع الذي بالقاهرة، وحمل إليه الفرش الكثيرة وقناديل الذهب والفضة، فكثر الدعاء له؛ ولبس الصوف في هذه السنة يوم الجمعة عاشر شهر رمضان، وركب الحمار وأظهر النسك وملأ كمّه دفاتر، وخطب بالناس يوم الجمعة وصلّى بهم؛ ومنع من أن «١» يخاطب يا مولانا ومن تقبيل الأرض بين يديه؛ وأقام الرواتب لمن يأوى المساجد من الفقراء «٢» والقرّاء والغرباء وأبناء السبيل، وأجرى لهم الأرزاق؛ وصاغ محرابا عظيما من فضة وعشرة قناديل؛ ورصّع المحراب بالجوهر ونصبه بالمسجد الجامع. وأقام على ذلك ثلاث سنين يحمل الطّيب والبخور والشموع إلى الجوامع، وفعل ما لم يفعله أحد. ثم بدا له بعد ذلك فقتل الفقيه أبا بكر الأنطاكى والشيخ الآخر وخلقا كثيرا أخر من أهل السنّة لا لأمر يقتضى ذلك؛ وفعل ذلك كلّه في يوم واحد. وأغلق دار العلم، ومنع من جميع ما كان فعله؛ وعاد إلى ما كان عليه أوّلا من قتل العلماء والفقهاء وأزيد؛ ودام على ذلك حتّى مات قتيلا حسب ما ذكرناه.
وفيها توفّى الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق الشريف أبو أحمد الموسوى، والد الشريف الرضى والمرتضى. مولده في سنة أربع وثلثمائة. وكان سيّدا عظيما مطاعا، كانت هيبته أشدّ من هيبة الخلفاء؛ خاف منه عضد الدولة فاستصفى أمواله. وكانت منزلته عند بهاء الدولة أرفع المنازل، ولقّبه بالطاهر والأوحد وذى المناقب، وكان فيه كلّ الخصال الحسنة إلا أنّه كان رافضيّا هو وأولاده على مذهب القوم. ومات ببغداد عن سبع وتسعين سنة، وصلى