ثم أمر السلطان الملك المؤيد بالنداء بمنع المعاملة بالدنانير الناصرية، وقد تزايد سعر الذّهب حتى بلغ المثقال الذهب إلى مائتين وستين درهما والناصرى إلى مائتين وعشرة، فرسم السلطان بأن يكون سعر المثقال الذهب بمائتين وخمسين والإفرنتى بمائتين وثلاثين، وأن تنقص الناصرية ويدفع فيها من حساب مائة وثمانين درهما الدينار.
[ما وقع من الحوادث سنة ٨١٩]
ثم فى أوّل محرم سنة تسع عشرة وثمانمائة دفع السلطان للطّواشىّ فارس الخازندار مبلغا كبيرا وأمره أن ينزل إلى القاهرة ويفرّقه فى الجوامع والمدارس والخوانق «١» ، فتوسّع الناس بذلك، وكثر الدعاء له، ثم فرّق مبلغا كبيرا أيضا على الفقراء والمساكين فأقلّ ما ناب الواحد من المساكين خمسة مؤيدية فضة عنها خمسة وأربعون درهما، فشمل برّه عدّة طوائف من الفقراء والضّعفاء والأرامل وغيرهم، فكان جملة ما فرّقه فى هذه النوبة الأخيرة أربعة آلاف دينار «٢» ، فوقع تفرقة هذا المال من الفقراء موقعا عظيما.
هذا والغلاء يتزايد بالقاهرة وضواحيها، والسلطان مجتهد فى إصلاح الأمر لا يفتر عن ذلك، وأرسل الطواشىّ مرجان الهندىّ الخازندار إلى الوجه القبلى بمال كثير ليشترى منه القمح ويرسله إلى القاهرة توسعة على الناس، ثم أخذ السلطان [فى]«٣» النظر فى أحوال الرّعيّة بنفسه وماله حتى إنه لم يدع لمحتسب القاهرة فى ذلك أمرا، فمشى الحال بذلك، وردّ رمق الناس- سامحه الله تعالى وأسكنه الجنة.
ثم فى أوّل صفر من سنة تسع عشرة المذكورة أمر السلطان بعزل جميع نوّاب القضاة الأربعة، وكان عدتهم يومئذ مائة وستة وثمانين قاضيا بالقاهرة سوى من بالنواحى، وصمّم السلطان على أنّ كل قاض يكون له ثلاثة نوّاب لا غير، هؤلاء كفاية للقاهرة وزيادة «٤» .
قلت: وما كان أحسن هذا لو دام أو استمرّ، وقد تضاعف هذا البلاء