لي السبيل إليك رفعتها؛ فأمره بذلك. فكان يدخل عليه كلما أراد ويرفع إليه النصائح في الأمور الحسنة الجميلة من أمور الثغور والولايات وبناء الحصون ونقوية الغزاة وتزويج العزاب وفكاك الأسرى والمحبسين والقضاء عن الغارمين والصدقة على المتعففين، فحظي عنده بذلك وتقدمت منزلته حتى سقطت منزلة أبي عبيد الله وحبس. وكتب المهدي توقيعاً بأنه اتخذه أخاً في الله ووصله بمائة ألف درهم.
ولما عزل عيسى هذا عن إمرة مصر قربه إلى المهدي فأكرمه غاية الإكرام.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ١٦١]
السنة التي حكم فيها عيسى بن لقمان على مصر وهي سنة إحدى وستين ومائة على أنه ولي في آخرها غير أننا نذكرها في ترجمته، ونذكر سنة اثنتين وستين ومائة في ترجمة غيره لأن كلاً منهما ترجمته غير مستوفاة لقلة اعتناء المؤرخين بهما قديماً.
فيها خرج المقنع الخارجي بخراسان واسمه عطاء، وقيل حكيم، بأعمال مرو وادّعى النبوّة، وكان يقول بتناسخ الأرواح، واستغوى خلقاً عظيماً وتوثب على بعض ما وراء النهر، فانتدب لحربه أمير خراسان معاذ بن مسلم والأمير جبريل بن يحيى وليث مولى المهدي وسعيد الحرسىّ، فجمع المقنّع الأقوات وتحصّن للحصار بقلعة من أعمال كش»
على ما يأتي ذكره. وفيها ظفر نصر بن [محمد «٢» بن] الأشعث الخزاعي بعبد الله ابن الخليفة مروان الحمار الأموي المكنى بأبي الحكم وهو أخو عبيد الله؛ وكانا وليّى عهد مروان، فلما قتل مروان حسبما ذكرناه بديار مصر هرب عبد الله هو وأخوه إلى الحبشة فقتل عبيد الله واختفى هذا إلى أن أتي به إلى المهدي فجلس له مجلسا