حتى أقرة هرثمة على الزاب فحسن أثره فيها. ثم إن عياض بن وهب الهواري وكليب ابن جميع الكلبي جمعا جموعاً وأرادا قتال هرثمة فسيّر إليهما هرثمة يحيى بن موسى في جيش كبير ففرق جموعهما وقتل كثيراً من أصحابهما ثم عاد إلى القيروان، فلما رأى هرثمة ما بإفريقية من الاختلاف واصل كتبه إلى الرشيد يستعفي حتى أعفاه، وقدم العراق حسبما تقدم ذكره. فكانت ولاية هرثمة على إفريقية سنتين ونصفا.
[ذكر ولاية عبد الملك بن صالح على مصر]
هو عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، الأمير أبو عبد الرحمن الهاشمي العباسي أمير مصر، وليها بعد توجه هرثمة بن أعين إلى إفريقية، ولاه الرشيد إمرة مصر وجمع له الصلاة والخراج معاً، فوليها عبد الملك هذا ولم يدخلها واستعمل عليها عبد الله بن المسيب الضبى المعزول عن إمرة مصر قديماً، وقد ذكرنا نيابته عن عبد الملك هذا في ترجمته أيضاً من هذا الكتاب؛ فجعل عبد الله بن المسيب على شرطته عمار بن مسلم، فلم تطل مدة عبد الملك هذا على ولاية مصر وصرف عنها في سلخ سنة ثمان وسبعين ومائة؛ وتولى مصر من بعده عبيد الله بن المهدي وقد ولي في هذه السنة على مصر ثلاثة أمراء وهي سنة ثمان وسبعين ومائة؛ وكان عبد الملك هذا شريفا نبيلا، وأمه أم ولد كانت لمروان بن محمد الحمار فشراها صالح بن علي فولدت له عبد الملك هذا. ويقال: إن الجارية حملت بعبد الملك هذا من مروان، ولهذا قال له الرشيد لما قبض عليه وحبسه: ما أنت لصالح، قال: فلمن أنا؟ قال: لمروان، قال: ما أبالي أي الفحلين غلب «١» علي. وكان أولاً معظماً عند الرشيد ولما ولاه دمشق سنة سبع