المواصيل فتصيح الجارية المضروبة فلا يسمعها الملك الظاهر ولا غيره، ففطن بذلك حريم الملك الظاهر وأعلموه الخبر، وقلن له إذا سمع السلطان زفّ المغانى فى غير وقت المغنى فيعلم السلطان أنّه يضرب جواريه وخدمه، فعلم الظاهر ذلك، فصار كلّما سمع المغانى تزفّ أرسل إليه في الحال بالشفاعة، وله من ذلك أشياء كثيرة. وكان الملك الظاهر قبل أن يتكسّح يرسل خلفه في مجلس أنسه وينادمه فى غالب الأوقات وتكرر ذلك منه سنين وكان إذا غلب عليه السّكر تسفّه على الملك الظاهر ويخاطبه باسمه من غير تحشّم فيبتسم الملك الظاهر ويقول لحواشى الملك المنصور: خذوا سيّدى أمير حاج وردّوه إلى بيته، فيقوم على حاله وهو مستمرّ في السّبّ واللّعن، فيعظم ذلك على حواشى الملك الظاهر ويكلّمون الملك الظاهر في عدم الاجتماع به، فلا يلتفت إلى كلامهم فيصبح المنصور يعتذر للسلطان فيما وقع منه في أمسه، فلمّا تكرر منه ذلك غير مرّة تركه وصار لا يجتمع به إلّا في الأعياد والمواسم، فلما بطلت حركته انقطع عنه بالكليّة.
السنة التي حكم في أولها الملك الظاهر برقوق إلى ليلة الاثنين خامس جمادى الآخرة وحكم في باقيها الملك المنصور حاجّى.
ولم يكن له في سلطنته إلا مجرّد الاسم فقط والمتحدّث في المملكة الأتابك يلبغا الناصرىّ ثم تمربغا الأفضلى الأشرفىّ المدعو منطاش وهي سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.
وفيها كان خلع الملك الظاهر برقوق من السلطنة وسلطنة الملك المنصور هذا كما تقدم ذكره.