أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ثلاث أذرع وأربع وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وسبع عشرة إصبعا.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٤٥٩]
السنة الثانية والثلاثون من ولاية المستنصر معدّ على مصر وهى سنة تسع وخمسين وأربعمائة.
فيها بعث المستنصر صاحب الترجمة إلى محمود بن الرّوقلية المتغلّب على حلب يطالبه بحمل المال وغزّو الروم، وصرف ابن خاقان «١» ومن معه من الغزّ إن كان على طاعته. فأجاب بأنّنى التزمت على أخذ حلب من عمّى أموالا افترضتها وأنا مطالب بها، وليس فى يدى ما أقضيها فضلا عمّا أصرفه لغيره. وأمّا الرّوم فقد هادنتهم مدّة وأعطيتهم ولدى رهينة على مال اقترضته منهم، فلا سبيل إلى محاربتهم. وأمّا ابن خاقان والغزّ معه فيدهم فوق يدى. فلمّا وصل الجواب إلى المستنصر كتب المستنصر أيضا إلى بدر الجمالىّ أمير الجيوش المقيم بدمشق: إنّ ابن الرّوقلية خلع الطاعة ومال إلى جهة العراقية. ثم ندب بدر الجمالىّ المذكور عطيّة وهو بالرّحبة لقتاله؛ فدخل القاضى ابن عمّار المقيم بطرابلس بينهم وأصلح الحال.
وفيها كان بمصر الغلاء والقحط المتواتر الذي خرج عن الحدّ- وقد تقدّم ذكره- ولا زال فى زيادة فى هذه السنة والتى قبلها إلى أن أخذ أمره فى نقص فى سنة إحدى وستّين وأربعمائة. وأبيع القمح فى هذه السنة بثمانين دينارا الإردبّ.
وفيها توفّى سعيد بن محمد بن الحسن أبو القاسم إمام جامع صور. كان فاضلا سمع الحديث ورواه، ومن رواياته عن الحسن البصرىّ أنه قال:«لا تشتروا مودّة ألف رجل بعداوة رجل واحد» .