السنة التي حكم فيها الحسين بن جميل على مصر وهي سنة إحدى وتسعين ومائة- فيها حج بالناس أمير مكة الفضل بن العباس. وفيها ولى الرشيد حمويه الخادم [بريد «١» ] خراسان. وفيها غزا يزيد بن مخلد الروم في عشرة آلاف مقاتل، فأخذ الروم عليه المضيق، فقتل بقرب طرسوس وقتل معه سبعون رجلاً من المقاتلة ورجع الباقون، فولى الرشيد غزو الصائفة هرثمة بن أعين المتقدم ذكره في أمراء مصر في محله، وضم إليه الرشيد ثلاثين ألفاً من جند خراسان، ووجه معه مسروراً الخادم، وإلى مسرور المذكور النفقات في الجيش المذكور وجميع أمور العسكر، خلا الرياسة على الجيش فإن ذلك لهرثمة بن أعين المذكور. وفيها نزل الرشيد بالرقة وأمر بهدم الكنائس التي بالثغور. ثم عزل علي بن عيسى بن ماهان عن إمرة خراسان بهرثمة بن أعين المذكور. وبعد هذه الغزوة لم يكن للمسلمين صائفة إلى سنة خمس عشرة ومائتين.
وفيها توفي عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي (بفتح السين المهملة) أبو عمرو الكوفي، كان محدثاً حافظاً زاهداً ورعاً. قال جعفر البرمكي: ما رأينا مثل ابن يونس، أرسلنا إليه فأتانا بالرقة، وحدث المأمون فاعتل قبل خروجه؛ فقلت: يا أبا عمرو، قد أمر لك بخمسين ألف درهم؛ فقال: لا حاجة لي فيها؛ فقلت: هي مائة ألف؛ فقال: لا والله، لا يتحدث أهل العلم أني أكلت للسنة ثمناً. وفيها توفى مخلد ابن الحسين أبو محمد البصري، كان من أهل البصرة فتحول إلى المصيصة ورابط بها، وكان عالماً زاهداً ورعاً حافظاً للسنة، لا يتكلم فيما لا يعنيه.