ثم قدم على عيسى زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب أمير إفريقيّة مهزوما من أبى عبد الله الشيعىّ في شهر رمضان سنة ست وتسعين ومائتين، ونزل بالجيزة وأراد الدخول إلى مصر فمنعه من الدخول إليها؛ فوقع بين أصحابه وبين جند مصر مناوشة وبعض قتال إلى أن وقع الصلح بينهم على أن يعبرها وحده من غير جند، فدخلها وأقام بها. ولم تطل أيام الأمير عيسى بعد ذلك، ومرض ولزم الفراش إلى أن مات، فى يوم سادس عشرين من شعبان سنة سبع وتسعين ومائتين وهو على إمرة مصر. وكانت ولايته على مصر خمس سنين وشهرين ونصف شهر؛ منها ولاية الخلنجىّ على مصر سبعة أشهر واثنان وعشرون يوما. وقام من بعده على مصر ابنه أبو الفتح محمد بن عيسى، إلى أن ولّى تكين الحربىّ، وحمل عيسى النوشرىّ إلى القدس ودفن به. وكان عيسى هذا أميرا جليلا شجاعا مقداما عارفا بالأمور، طالت أيامه في السعادة، وولى الأعمال مثل إمرة دمشق من قبل المنتصر والمستعين، وولى شرطة بغداد أيام المكتفى، ثم ولى أصبهان والجبال، إلى أن ولّاه المكتفى إمرة مصر.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٢٩٢]
السنة التى حكم فيها أربعة أمراء على مصر، وهى سنة اثنتين وتسعين ومائتين، والأمراء الأربعة: شيبان بن أحمد بن طولون، ومحمد بن سليمان الكاتب، وعيسى النّوشرىّ، ومحمد بن علىّ الخلنجىّ- فيها (أعنى سنة اثنتين وتسعين ومائتين) قدم بدر الحمّامىّ الذي قتل القرمطىّ، فنلقّاه أرباب الدولة، وخلع عليه الخليفة وخلع على ابنه أيضا، وطوّق بدر المذكور وسوّر وقيّدت بين يديه خيل الخليفة جنائب وحمل إليه مائة ألف درهم. وفيها وافت هديّة إسماعيل بن أحمد أمير خراسان الى بغداد كان فيها ثلثمائة جمل عليها صناديق فيها المسك والعنبر والثياب من كلّ لون