على مصر السلطان الملك الصالح ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك الظاهر سيف الدين أبى الفتح ططر بن عبد الله الظاهرىّ، تسلطن بعد موت أبيه- بعهد منه إليه «٢» - فى يوم الأحد رابع ذى الحجة سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وهو أنه لما مات أبوه حضر الخليفة المعتضد بالله أبو الفتح داود والقضاة والأمراء وجلسوا بباب السّتارة من القلعة، وطلبوا محمدا هذا من الدّور السلطانية، فحضر إليهم، فلما رآه الخليفة قام له وأجلسه بجانبه، وبايعه بالسلطنة، ثم ألبسوه خلعة السلطنة الجبّة السّوداء الخليفتيّة من مجلسه بباب السّتارة، وركب فرس النّوبة بشعار الملك وأبهة السلطنة، وسار إلى القصر السلطانى، والأمراء وجميع أرباب الدّولة مشاة بين يديه حتى دخل إلى القصر السلطانى بقلعة الجبل، وجلس على تخت الملك، وقبّل الأمراء الأرض بين يديه على العادة، وخلع على الخليفة وعلى الأمير الكبير جانى بك الصوفى، كونه حمل القبّة والطير على رأسه، ولقّب بالملك الصالح، وفى الحال دقّت البشائر، ونودى بالقاهرة ومصر بسلطنته، وسنّه يوم تسلطن نحو العشر سنين تخمينا، وأمّه خوند بنت سودون الفقيه الظاهرى، وهى إلى الآن فى قيد الحياة، وهى من الصالحات الخيّرات، لم تتزوّج بعد الملك الظاهر ططر.
والملك الصالح [محمد]«٣» هذا هو السلطان الحادى والثلاثون من ملوك الترك، والسابع من الجراكسة وأولادهم، وتمّ أمره فى السلطنة، واستقرّ الأتابك جانى بك الصوفى مدبر مملكته، وسكن بالحرّاقة من الإسطبل السلطانى بباب السلسلة، وانضمّ عليه معظم الأمراء والمماليك السلطانية، وأقام الأمير برسباى الدّقماقى الدّوادار واللّالا