أيضا بطبقة الأشرفية فى عدّة أيضا من الأمراء المقدّمين، أعظمهم الأمير طرباى حاجب الحجّاب، والأمير قصروه من تمراز رأس نوبة النوب، والأمير جقمق العلائى نائب قلعة الجبل وأحد مقدّمى الألوف المعروف بأخى چركس المصارع، والأمير تغرى بردى المحمودى، وأما الأمير بيبغا المظفّرى أمير سلاح، والأمير قجق أمير مجلس، والأمير سودون من عبد الرحمن وغيرهم من الأمراء صاروا حزبا وتشاوروا إلى من يذهبون، إلى أن تكلم الأمير سودون من عبد الرحمن مع الأتابك جانى بك الصّوفى، فردّ عليه الجواب بما لا يرضى، فعند ذلك تحوّل سودون من عبد الرحمن ورفقته وصاروا من حزب برسباى وطرباى على ما سنذكر مقالتهما فيما بعد، وباتوا الجميع بالقلعة وباب السّلسلة مستعدّين للقتال، فلم يتحرك ساكن، وأصبحوا يوم الاثنين خامس ذى الحجة وقد تجمّع المماليك بسوق الخيل «١» يطلبون النّفقة عليهم- على العادة- والأضحية، وأغلظوا فى القول، وأفحشوا فى الكلام حتى كادت الفتنة أن تقوم، فلا زال الأمراء بهم يترضّونهم- وقد اجتمع الجميع عند السلطان الملك الصالح- حتى رضوا، وتفرّق جمعهم.
ولما كانت الخدمة بتّ الأتابك جانى بك الصّوفى بعض الأمور، وقرىء الجيش، وخلع على جماعة، وهو كالخائف الوجل من رفقته الأمير برسباى والأمير طرباى وغيرهما.
وظهر فى اليوم المذكور أن الأمر لا يسكن إلا بوقوع فتنة، وبذهاب بعض الطائفتين؛ لاختلاف الآراء واضطراب الدّولة، وعدم اجتماع الناس على واحد بعينه، يكون الأمر متوقّفا على ما يرسم به، وعلى ما يفعله، على أن الأمير برسباى جلس فى اليوم المذكور بين يدى جانى بك الصّوفى وامتثل أوامره فى وقت قراءة الجيش.
ثم بعد انتهاء قراءة الجيش والعلامة قام بين يديه على قدميه، وشاوره فى قضاء أشغال النّاس على عادة ما يفعله الدّوادار مع السّلطان، غير أن القلوب متنافرة،