فانهزم جيش محمد أيضاً، وأقامت شيعة عثمان بخربتا إلى أن قدم معاوية بن أبي سفيان من الشأم إلى مصر، فخرج إليه محمد بن أبي حذيفة بأصحابه ومنعوه من الدخول إلى الفسطاط، ثم اتفقا على أن يجعلا رهناً ويتركا الحرب، فاستخلف محمد ابن أبي حذيفة على مصر الحكم بن الصلت وخرج فى الرهن هو وابن عديس وعدة من قتلة عثمان، فلما وصلوا إلى معاوية قبض عليهم وحبسهم وسار إلى دمشق فهربوا من السجن، فتتبعهم أمير فلسطين حتى ظفر بهم وقتلهم في ذي الحجة سنة ست وثلاثين، فلما بلغ الخبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمصاب محمد بن جذيفة ولى على مصر قيس بن سعد بن عبادة الأنصارى رضى الله عنه.
[ذكر ولاية قيس بن سعد بن عبادة على مصر]
هو قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري الخزرجي المدني؛ قال الذهبي: كان من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة، وله عدة أحاديث، روى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى وعروة بن الزبير والشعبىّ وميمون بن أبى شبيب وغريب ابن حميد الهمدانىّ وجماعة، وكان ضخما جسما طويلاً جداً سيداً مطاعاً كثير المال جواداً كريماً يعد من دهاة العرب. قال عمرو بن دينار: كان ضخماً جسيماً صغير الرأس ليست له لحية، وإذا ركب الحمار خطت رجلاه الأرض؛ روى عنه أنه قال:
لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«المكر والخديعة في النار» لكنت من أمكر هذه الأمة. وقال الزهري: أخبرنا ثعلبة بن أبى مالك أنّ قيس ابن سعد كان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال جويرية بن أسماء:
كان قيس يستدين ويطعمهم، فقال أبو بكر وعمر: إن تركنا هذا الفتى أهلك مال