هو محمد بن [أبي] حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، وثب على مصر وملكها من غير ولاية من خليفة، فلذلك لم يعده المؤرخون من أمراء مصر، وكان من خبره أنه جمع جمعاً وركب بهم على عقبة بن عامر الجهني خليفة عبد الله بن سعد بن أبي سرح وقاتله وهزمه وأخرجه من الفسطاط، ثم دعا الناس لخلع عثمان من الخلافة وصار يعدد أفعاله بكل شيء يقدر عليه، فاعتزله شيعة عثمان وقاتلوه وهم: معاوية بن حديج وخارجة بن حذافة السهمي وبسر بن أبى أرطاة ومسلمة بن مخلّد في جمع كثير من الناس، وبعثوا إلى عثمان بذلك، وبينا أن يأتي الخبر من عثمان قويت شوكة محمد هذا، ثم حضر من عند عثمان سعد بن أبي وقاص ليصلح أمرهم ويتألف الناس، فخرج إليه جماعة من أعوان محمد بن أبي حذيفة المذكور وكلموه وخاشنوه، ثم قلبوا عليه فسطاطه وشجوه ونهبوه، فركب من وقته وعاد راجعاً ودعا عليهم لما فعلوه به، ثم عاد إلى مصر عبد الله بن أبي سرح راجعاً فمنعه أن يدخل إلى مصر وقاتلوه، فكر راجعاً إلى عسقلان ثم قتل في هذه الأيام بفلسطين، وقيل بالرملة حسبما ذكرناه في آخر ترجمته في هذا الكتاب، ثم أراد محمد ابن أبي حذيفة أن يبعث جيشا إلى عثمان فجهز إليه ستمائة رجل عليهم عبد الرحمن ابن عديس البلوي، وبينما هم في ذلك إذ قدم عليهم الخبر بقتل عثمان رضي الله عنه في ذي الحجة من السنة، فلما وصل الخبر بذلك ثار شيعة عثمان بمصر وعقدوا لمعاوية ابن حديج وبايعوه على الطلب بدم عثمان وساروا الى الصعيد، فبعث اليهم محمد ابن أبي حذيفة جماعة كثيرة فتقاتلا فهزمت جيش محمد وافترقا، وتوجه معاوية بأصحابه إلى جهة برقة فأقام بها مدة ثم عاد إلى الإسكندرية، فبعث اليه محمد ابن أبي حذيفة بجيش آخر فاقتتلوا بخربتا أول شهر رمضان من سنة ست وثلاثين