وأمّا الوالد فإنه سار من الكرك إلى نحو دمشق حتى دخلها فى يوم سادس المحرّم من سنة أربع عشرة وثمانمائة، ونزل بدار السّعادة وقد خمدت الفتنة، وسكن هرج النّاس، ثمّ خرج الأمير شيخ والأمير نوروز من الكرك إلى محلّ كفالتهما، وقدما إلى دمشق بمن معهما من الأمراء والمماليك لعمل مصالحهما بدمشق، فلمّا بلغ الوالد قدومهما خرج لتلقّيهما بقماش جلوسه فى خواصّه لا غير، فلمّا وقع بصرهما على الوالد نزلا عن خيولهما، فأقسم عليهما الوالد فى عدم النزول، فنزلوا قبل أن يسمعوا القسم، فعند ذلك نزل لهم الوالد أيضا عن فرسه وسلّموا عليه، فحلف عليهم الوالد بالنزول فى دار. السّعادة، فامتنعوا من ذلك، فأنزلهم بالمزّة، ثمّ ركب إليهم الوالد وأخذهم من وطاقهم غصبا.
وأنزل الأمير شيخا بالقرمانيّة، ونوروزا بدار الأمير فرج بن منجك، ونزل كلّ واحد من أصحابهما بمكان حتى عملت مصالحهم، وكثر تردادهم إلى الوالد بدار السّعادد فى تلك الأيام؛ فسرّ أهل الشّام بذلك غاية السّرور، وصار الأمير شيخ يتنزّه بدمشق، ويتوجّه إلى الأماكن ومعه قليل من مماليكه. حدّثنى بعض مماليك الوالد: أن الأمير شيخا كان يجيء فى تلك المدّة إلى الوالد فى دار السعادة ومعه شخص واحد من مماليكه، وينزل ويقيل بالبحرة «١» ، وينام بها نومة كبيرة إلى أن يطبخ له ما اقترحه من المآكل.
ثمّ خرج الأمير شيخ والأمير نوروز كلّ منهما إلى محلّ كفالته