بعد أن أنعم الوالد فى يوم سفرهما على كلّ واحد بألف دينار، وقيّد له فرسا بسرج ذهب وكنبوش «١» زركش، وأشياء غير ذلك كثيرة.
وأمّا أمر السّلطان الملك النّاصر، فإنّه سار من القدس حتّى نزل بتربة والده بالصّحراء خارج القاهرة فى يوم الأربعاء ثانى عشر المحرّم من سنة أربع عشرة وثمانمائة، وخلع على الخليفة المستعين بالله العبّاس، وعلى القضاة والأمراء، وسائر أرباب الدّولة، وخلع على الأمير دمرداش المحمدىّ باستقراره أتابك العساكر بالدّيار المصرية، عوضا عن الوالد؛ بحكم انتقاله إلى نيابة دمشق حسبما تقدّم ذكره، ثمّ ركب السّلطان من التربة المذكورة وطلع إلى القلعة بعد ما خرج الناس للفرجة عليه، فكان لطلوعه يوما مشهودا، وزيّنت القاهرة أياما لقدومه، ثمّ بعد قدوم السّلطان باثنى عشر يوما قدم الأمير بكتمر جلّق المعزول عن نيابة دمشق، فركب السّلطان وتلقّاه وألبسه تشريفا، وخلع على الأمير الكبير دمرداش بنظر البيمارستان المنصورىّ «٢» ، ودخل السّلطان من باب النصر وشقّ القاهرة، ونزل بمدرسته التى أنشأها جمال الدين الأستادار له برحبة باب العيد المعروفة بالجمالية، وقد أثبت القضاة أنها له وسمّيت بالنّاصرية، ثمّ ركب السّلطان من المدرسة المذكورة، ونزل بمدرسة والده المعروفة بالبرقوقيّة «٣» ببين القصرين، ثمّ ركب منها وأمر الأتابك دمرداش بعبور البيمارستان المنصورىّ، وتوجّه السّلطان إلى جهة القلعة.