للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر ولاية الملك المنصور محمد على مصر]

اختلف المؤرّخون فيمن ولى ملك مصر بعد موت الملك العزيز عثمان ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب. فمن الناس من قال: أخوه الأفضل نور الدين علىّ بن صلاح الدين يوسف بن أيّوب؛ ومنهم من قال: ولده الملك المنصور محمد هذا. والصواب المقالة الثانية، فإنّه كان ولّاه والده العزيز من بعده، وإليه أوصى العزيز بالملك، وأيضا ممّا يقوّى المقالة الثانية أنّ المنصور كان تحت كنف والده العزيز بمصر، وكان الأفضل بصرخد «١» ، ولم يحضر إلى مصر، حتّى تمّ أمر المنصور وتسلطن بعد موت أبيه. وبيان ذلك أيضا يأتى فيما نذكره الآن فى سياق ترجمة الملك المنصور، فيعرف بهذا السياق من كان فى هذه المدّة السلطان بمصر إلى حين ملك الملك العادل أبو بكر بن أيّوب؛ فنقول:

لمّا مات الملك العزيز عثمان بديار مصر فى العشرين من المحرّم أوصى بالملك لأكبر أولاده وهو ناصر الدين محمد المذكور، ونصّ عليه فى الوصيّة؛ وكان للعزيز عشرة أولاد، ولم يذكر فى الوصيّة عمّه العادل؛ وجعل وصيّه الأمير أزكش مقدّم الأسديّة.

قال أبو المظفّر سبط ابن الجوزىّ فى تاريخه: «كان لابنه محمد عشر سنين وكان مقدّم الصلاحيّة فخر الدين جهاركس، وأسد الدين سرا سنقر، وزين الدين قراجا؛ فاتّفقوا على ناصر الدين محمد وحلّفوا له الأمراء؛ وكان سيف الدين أزكش مقدّم الأسديّة غائبا بأسوان، فقدم وصوّب رأيهم وما فعلوه، إلّا أنّه قال: هو صغير السن لا ينهض بأعباء الملك، ولا بدّ من تدبير كبير يحسم الموادّ ويقيم الأمور، والعادل مشغول فى الشرق بماردين، وما ثمّ أقرب من الأفضل نجعله أتابك العساكر، فلم يمكن