السنة التاسعة من ولاية خمارويه على مصر، وهى سنة تسع وسبعين ومائتين- فيها عظم أمر المعتضد بتقديمه في ولاية العهد على جعفر المفوّض، فإن الخليفة المعتمد خلع ولده وقدّم ابن أخيه المعتضد هذا على ولده المفوّض المذكور؛ وأظنّ ذلك كان لقوّة شوكة المعتضد، ثم فوّض المعتمد لابن أخيه المعتضد ما كان لأبيه الموفّق من الأمر والنهى وكتب بذلك الى الآفاق؛ ثم أمر المعتضد ألّا يقعد على الطريق ببغداد ولا في المسجد الجامع قاصّ «١» ولا صاحب نجوم، وحلّف باعة الكتب ألّا يبيعوا كتب الفلاسفة والجدل ونحو ذلك، ولما قدّم الخليفة [المعتمد «٢» ] المعتضد هذا على ولده قدّم له المعتضد ثيابا بمائتى ألف درهم وحمل الى ابن عمّه المفوّض ثيابا بمائة ألف درهم، وطابت نفوسهما فلم يكن بعد ذلك إلا أيام ومات الخليفة المعتمد؛ وتولّى المعتضد الخلافة بعد عمّه المعتمد في صبيحة يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رجب. وفيها أرسل خمارويه الى المعتضد مع ابن الجصّاص هدايا «٣» وتحفا وأموالا كثيرة وسأله أن يزوّج ابنه المكتفى ببنته قطر النّدى؛ فقال المعتضد: بل أنا أتزوّجها فتزوّجها. وقد سقنا حكاية زواجها في ترجمة أبيها خمارويه.
وفيها فتح أحمد بن عيسى بن الشّيخ قلعة ماردين «٤» وكانت مع محمد بن إسحاق بن كنداج. وفيها صلّى المعتضد بالناس صلاة الأضحى فكبّر في الأولى ستّ تكبيرات