السنة الخامسة من ولاية العاضد على مصر وهى سنة ستين وخمسمائة.
فيها فتح الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى الشهيد بانياس عنوة، وكان معه أخوه نصرة «١» الدين، فأصابه سهم فأذهب إحدى عينيه؛ فقال له أخوه نور الدين:
لو كشف عما أعدّ لك من الأجر لتمنّيت ذهاب الأخرى، فحمد الله على ذلك.
وفيها فوّض الملك العادل شحنجية «٢» دمشق إلى صلاح الدين يوسف بن أيوب، فأظهر صلاح الدين السياسة وهذّب الأمور، وذلك فى حياة والده وعمّه أسد الدين شيركوه.
وفيها توفّى أمير أميران نصرة الدين بن زنكى بن آق سنقر التركىّ أخو الملك العادل نور الدين المقدّم ذكره فى ذهاب عينه فى فتح بانياس. وكان أميرا شجاعا مقداما عزيزا على أخيه نور الدين محمود، وعظم مصابه عليه؛ رحمه الله.
وفيها توفّى حسّان بن تميم بن نصر الشيخ أبو الندى الدمشقىّ المحدّث، سمع الحديث وحجّ ومات فى شهر رجب، ودفن بمقبرة باب الفراديس.
وفيها توفّى الشيخ المعتقد محمد بن إبراهيم الكيزانىّ «٣» أبو عبد الله الواعظ المصرىّ.
قيل إنه كان يقول: إنّ أفعال العباد قديمة. ولمّا مات دفن عند قبر الإمام الشافعىّ بالقرافة الصغرى، واستمرّ هناك إلى أن نبشه الشيخ نجم الدين الخبوشانىّ فى أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب وأخرجه، فدفن بمكان آخر فى القرافة.