إسحاق المذكور وقتل من حواشيه وأصحابه جماعة كبيرة؛ فكتب إسحاق يعلم الرشيد بذلك، فعظم على الرشيد ما ناله من أمر مصر وصرفه عن إمرتها وعقد الرشيد لهرثمة على إمرة مصر وأرسله في جيش كبير إلى مصر؛ وكان عزل إسحاق هذا عن إمرة مصر في شهر رجب من سنة ثمان وسبعين ومائة، فكانت ولايته على مصر سنة واحدة وأياماً وتوجه إلى الرشيد.
وقال ابن الأثير: «وفي هذه السنة (يعني سنة ثمان وسبعين ومائة) وثبت الجوفيّة بمصر على عاملهم إسحاق بن سليمان وقاتلوه وأمدّه الرشيد بهرثمة بن أعين، وكان عامل فلسطين، فقاتلوا الحوفية وهم من قيس وقضاعة، فأذعنوا بالطاعة وأدوا ما عليهم للسلطان. فعزل الرشيد إسحاق عن مصر واستعمل عليها هرثمة مقدار شهر، ثم عزله واستعمل عليها عبد الملك بن صالح» . انتهى كلام ابن الأثير برمته.
[ذكر ولاية هرثمة بن أعين على مصر]
هو هرثمة بن أعين أحد أمراء الرشيد وخواص قواده، ولاه على إمرة مصر لما بلغه ما وقع لإسحاق بن سليمان العباسي مع أهل مصر، وبعثه إليها في جيش كبير وحرضه على قتال المصريين، وولاه على صلاة مصر وخراجها معاً؛ فخرج هرثمة من بغداد حتى قدم مصر ليومين خلوا من شعبان سنة ثمان وسبعين ومائة؛ فتلقاه أهل مصر بالطاعة وأذعنوا له، فقبل هرثمة منهم ذلك وأمنهم وأقر كل واحد على حاله.
وأرسل يعلم الرشيد بذلك، ثم جعل هرثمة على شرطته ابنه حاتما فلم تطل مدّة هرثمة على إمرة مصر وورد عليه الخبر بعزله عن إمرة مصر وخروجه بالعساكر إلى نحو إفريقية في يوم ثاني عشر شوال من السنة المذكورة؛ فكانت إقامته على إمرة مصر شهرين ونصف شهر. وولي مصر بعده عبد الملك بن صالح العباسي، وتوجه هرثمة