السلطان الملك المظفّر ركن الدين بيبرس بن عبد الله المنصورىّ الجاشنكير، أصله من مماليك الملك المنصور قلاوون البرجيّة، وكان جركسىّ الجنس، ولم نعلم أحدا ملك مصر من الجراكسة قبله إن صحّ أنه كان جركسيّا. وتأمّر فى أيّام أستاذه المنصور قلاوون، وبقى على ذلك إلى أن صار من أكابر الأمراء فى دولة الملك الأشرف خليل بن قلاوون. ولما تسلطن الملك الناصر محمد بن قلاوون بعد قتل أخيه الأشرف خليل صار بيبرس هذا أستادارا «١» إلى أن تسلطن الملك العادل زين الدين كتبغا عزله عن الأستادارية بالأمير بتخاص، وقيل: إنّه قبض على بيبرس هذا وحبسه مدّة، ثم أفرج عنه وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصريّة.
واستمرّ على ذلك حتّى قتل الملك المنصور حسام الدين لاچين فكان بيبرس هذا أحد من أشار بعود الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى الملك. فلمّا عاد الناصر إلى ملكه تقرّر بيبرس هذا أستادارا على عادته وسلّار نائبا، فأقاما على ذلك سنين إلى أن صار هو وسلّار كفيلى الممالك الشريفة الناصرية، والملك الناصر محمد معهما آلة فى السلطنة إلى أن ضجر الملك الناصر منهما وخرج إلى الحجّ فسار إلى الكرك وخلع نفسه من الملك. وقد ذكرنا ذلك كلّه فى ترجمة الملك الناصر محمد. فعند ذلك وقع الاتّفاق على سلطنة بيبرس هذا بعد أمور نذكرها؛ فتسلطن وجلس على تخت الملك فى يوم السبت الثالث والعشرين من شوّال من سنة ثمان وسبعمائة. وهو السلطان الحادى