الفضل عنقه وصلب جثته وبعث برأسه إلى الهادي. وكان قتل دحية المذكور في جمادى الآخرة سنة تسع وستين ومائة، فكان الفضل يقول: أنا أولى الناس بولاية مصر لقيامي في أمر دحية وهزيمته وقتله وقد عجز عنه غيري، وكاد أمره أن يتم لطول مدته ولاجتماع الناس عليه لولا قيامي في أمره، وكان الفضل لما قدم مصر سكن المعسكر و [بنى «١» ] به الجامع، فلم يكن بعد قتله لدحية بمدة يسيرة إلا وقدم عليه البريد بعزله عن إمرة مصر بعلي بن سليمان؛ فلما سمع الفضل خبر عزله ندم على قتل دحية ندماً عظيماً فلم يفده ذلك. وكان عزل الفضل عن إمرة مصر في أواخر سنة تسع وستين ومائة المذكورة؛ فكانت ولايته على مصر دون السنة.
وقد ولي الفضل هذا إمرة دمشق مدة. ولا أعلم ولايته على دمشق قبل ولايته على مصر أو بعدها. وهو الذي عمر أبواب جامع دمشق والقبة التي في الصحن وتعرف بقبة المال في أيام إمرته على دمشق. وكانت وفاة الفضل هذا في سنة اثنتين وسبعين ومائة وهو ابن خمسين سنة، وكان أميراً شجاعاً مقداماً شاعراً فصيحاً أديباً صاحب خطب وشعر، من ذلك قوله:
عاش الهوى واستشهد الصبر ... وعاث في الحزن والضر
وسهل التوديع يوم نوى ... ما كان قد وعّره الهجر
ذكر ولاية علي بن سليمان على مصر
هو علي بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، الأمير أبو الحسن الهاشمي العباسي، ولي إمرة مصر بعد عزل الفضل بن صالح عنها؛ ولاه موسى الهادي على إمرة مصر وجمع له الصلاة والخراج معاً، ودخل علي بن سليمان هذا إلى مصر