للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في شوال سنة تسع وستين ومائة وسكن المعسكر، وجعل على شرطته عبد الرحمن ابن موسى اللخمي ثم عزله وولى الحسن بن يزيد الكندي. ولما قدم علي المذكور إلى مصر أقام مدة يسيرة وورد عليه الخبر بموت موسى الهادي في نصف شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة، وولاية هارون الرشيد الخلافة من بعده وأن الرشيد أخاه أقر علياً على عمل مصر على عادته؛ وكان علي بن سليمان المذكور عادلاً وفيه رفق بالرعية آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، ومنع في أيامه الملاهي والخمور، وهدم الكنائس بمصر وأعمالها، فتكلم القبط معه في تركها وأن يجعلوا له في مقابلة ذلك خمسين ألف دينار، فامتنع من ذلك وهدم الكنائس؛ وكان كثير الصدقة في الليل فمالت الناس إليه، فلما رأى ميل الناس إليه أظهر ما في نفسه من أنه يصلح للخلافة، وطمع في ذلك وحدثته نفسه بالوثوب، فكتب بعض أهل مصر إلى هارون الرشيد وعرفه بذلك، فسخط عليه هارون وعاجله بعزله؛ فعزله عن إمرة مصر في يوم الجمعة لأربع بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وسبعين ومائة؛ وولى مصر بعده موسى بن عيسى. فكانت ولاية علي بن سليمان هذا على مصر نحو سنة وثلاثة أشهر، وقيل أكثر من ذلك. وتوجه علي بن سليمان إلى الرشيد فندبه لقتال يحيى بن عبد الله بالديلم وصحبته الفضل بن يحيى البرمكي- ويحيى بن عبد الله هو يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم- كان خرج بالديلم واشتدت شوكته وكثرت جموعه وأتاه الناس من الأمصار، فاغتمّ الرشيد لذلك، وندب إليه علي بن سليمان هذا بعد عزله وجعل أمر الجيش للفضل بن يحيى، وولاه جرجان وطبرستان والري وغيرها وسيرهما في خمسين ألفاً، وحمل معهما الأموال؛ فكاتبا يحيى بن عبد الله وتلطفا به وحذراه المخالفة وأشارا