تذكر ما قلت لك فى الوقت الفلانىّ؟ قلت: نعم، قال: والله حالما عاد الملك الناصر من قطيا دخلت الديار المصريّة أعطانى إمرة خمسين فارسا كما قال، لا زائد على ذلك. قال: وحكى لى عزّ «١» الدين محمد بن أبى الهيجاء ما معناه: أنّ سيف الدين بلغاق حدّثه أنّ الأمير بدر الدين بكتوت الأتابكىّ، حكى لى قال: كنت أنا والملك المظفّر قطز والملك الظاهر بيبرس- رحمهما الله تعالى- فى حال الصّبا كثيرا ما نكون مجتمعين فى ركوبنا وغير ذلك، فاتّفق أن رأينا منجّما فى بعض الطريق بالديار المصريّة، فقال له الملك المظفّر قطز: أبصر نجمى، فضرب بالرّمل وحسب وقال: أنت تملك هذه البلاد وتكسر التّتار، فشرعنا نهزأ به. ثم قال له الملك الظاهر بيبرس: أبصر نجمى، فقال: وأنت أيضا تملك الديار المصريّة وغيرها، فتزايد استهزاؤنا به، ثم قالا لى، لا بدّ أن تبصر نجمك، فقلت له: أبصر لى نجمى، فحسب وقال: أنت تخلص لك إمرة مائة فارس، يعطيك هذا، وأشار إلى الملك الظاهر، فاتّفق أن وقع الأمر كما قال، ولم يخرم منه شىء. وهذا من عجيب الاتّفاق. انتهت ترجمة الملك المظفّر قطز. ويأتى ذكر حوادثه على عادة هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
[ما وقع من الحوادث سنة ٦٥٨]
السنة التى حكم فيها الملك المظفّر قطز على الديار المصريّة، وهى سنة ثمان وخمسين وستمائة على أنّه حكم من سنة سبع شهرين وقتل قبل انقضاء السنة أيضا بشهرين.
فيها كانت كاثنة التّتار مع الملك المظفّر قطز وغيره، حسب ما تقدّم ذكره من أنّهم ملكوا حلب والشام ثم رحلوا عنها.