وخرجت فلما بعدت عن الدّهليز لقينى حسام الدين البركة خانى «١» وسلّم علىّ، وقال:
جاءكم بريدىّ أو قصّاد من الديار المصريّة؟ فورّيت وقلت: ما عندى علم بشىء من هذا، قال: قطز تسلطن وتملّك الديار المصريّة ويكسر التّتار؛ قال تاج الدين:
فبقيت متعجّبا من حديثه، وقلت له: إيش هذا القول، ومن أين لك هذا؟
قال: والله هذا قطز خشداشى، كنت أنا وإيّاه عند الهيجاوى «٢» من أمراء مصر ونحن صبيان، وكان عليه قمل كثير، فكنت أسرّح رأسه على أنّنى كلّما أخذت منه قملة أخذت منه فلسا أو صفعته، ثم قلت فى غضون ذلك: والله ما أشتهى إلا أنّ الله يرزقنى إمرة خمسين فارسا، فقال لى: طيّب قلبك، أنا أعطيك إمرة خمسين فارسا، فصفعته وقلت: أنت تعطينى إمرة خمسين! قال: نعم فصفّعته، فقال لى: وأ لك علّة! إيش يلزم لك إلّا إمرة خمسين فارسا؟ أنا والله أعطيك، قلت: ويلك «٣» ! كيف تعطينى؟ قال: أنا أملك الديار المصريّة، وأكسر التّتار وأعطيك الذي طلبت، قلت: ويلك أنت مجنون! أنت بقملك تملك الديار المصرية؟ قال: نعم، رأيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فى المنام وقال لى: أنت تملك الديار المصريّة وتكسر التّتار، وقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حقّ لا شكّ فيه، قال: فسكتّ وكنت أعرف منه الصدق فى حديثه وعدم الكذب. قال تاج الدين:
فلمّا قال لى هذا، قلت له: قد وردت الأخبار بأنّه تسلطن، قال لى: والله وهو يكسر التّتار. قال تاج الدين: فرأيت حسام الدين البركة خانى- الحاكى ذلك- بالديار المصريّة بعد كسر التّتار فسلّم علىّ، وقال: يا مولاى تاج الدين،