فاضلاً ثقة، روى عن الزهري وغيره، وروى عنه الليث بن سعد وجماعة أخر، ولم تطل مدته على ولاية مصر في هذه المرة وعزل بعد جمعتين يوم عيد الأضحى وقيل آخر ذي الحجة سنة ثمان ومائة.
قلت: وعلى القولين لم تطل ولايته بل ولا وصلت إلى أربعين يوماً، وكان سبب عزله عن إمرة مصر بسرعة شكوى عبيد الله بن الحبحاب صاحب خراج مصر عليه للخليفة هشام بن عبد الملك، وشكوى جماعة أخر من أوباش المصريين، فعزله هشام عن مصر بعبد الملك بن رفاعة، ثم ندم أهل مصر على عزله وطلبوا منه إعادته عليهم، يأتي ذكر ذلك كله في ولايته الثانية على مصر فإنه وليها بعد ذلك ثانياً وثالثاً حتى قتله الحوثرة في سنة ثمان وعشرين ومائة. وكان حفص شريفاً مطاعاً محبباً للناس ولديه معرفة وفضيلة، واستقدمه هشام بعد عزله عن مصر وأراد أن يوليه خراسان عوضاً عن أسد بن عبد الله القسري، فامتنع حفص من ذلك. وكان سبب عزل أسد عن خراسان أنه خطبهم يوماً فقال: قبح الله هذه الوجوه وجوه أهل الشقاق والنفاق والشغب والفساد، اللهم فرق بيني وبينهم وأخرجني إلى مهاجري ووطني؛ فبلغ قوله هشاماً، فكتب إلى خالد بن عبد الله القسري: اعزل أخاك، فعزله. وأراد هشام أن يولي حفصاً فامتنع، فولى خراسان الحكم بن عوانة الكلبي، ثم عزله هشام واستعمل عليها أشرس بن عبد الله وأمره أن يكاتب خالدا، وكان الأشرس فاضلا خيرا، كان يسمونه الكامل لفضله، فلما قدم خراسان فرحوا.
وقد خرجنا عن المقصود استطرادا.
[ذكر ولاية عبد الملك بن رفاعة الثانية على مصر]
قلت: تقدم التعريف بعبد الملك هذا في أول ولايته على مصر بعد موت قرّة ابن شريك سنة ست وتسعين. وكانت ولاية عبد الملك أيضاً على الصلاة لا غير،