قلت: وهذا البلاء والتدميغ إلى يومنا هذا، فإن كل ملك من الملوك إلى زماننا هذا يخلع ابن الملك الذي قبله ثم يعهد هو لابنه من غير أن يقعد له قاعدة يثبت ملكه بها، بل جل قصده العهد، ويدع الدنيا بعد ذلك تنقلب ظهراً لبطن. وكان أميراً جليلاً جواداً ممدحاً، تقدم التعريف بأحواله في ولايته الأولى والثانية على مصر من هذا الكتاب اهـ.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ١٨٠]
السنة التي حكم فيها موسى بن عيسى العباسي على مصر وهي سنة ثمانين ومائة- فيها كانت الزلزلة العظيمة التي سقط منها رأس منارة الإسكندرية.
وفيها تنقل الخليفة الرشيد من بغداد إلى الموصل ثم إلى الرقة فاستوطنها مدة وعمر بها دار الملك واستخلف على بغداد ابنه الأمين محمد بن زبيدة. وفيها حجّ بالناس موسى ابن عيسى العباسي المعزول عن إمرة مصر المقدم ذكره. وفيها هدم الرشيد سور الموصل لئلا يغلب عليها الخوارج. وفيها ولى الرشيد جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك خراسان وسجستان فولى عليهما جعفر محمد بن الحسن بن قحطبة ثم بعد مدة يسيرة عزل الرشيد جعفراً المذكور وولى عليهما عيسى بن جعفر. وفيها خرج خراشة «١» الشيباني متحكماً بالجزيرة فقتله مسلم بن بكار العقيلي. وفيها خرجت المحمرة «٢» بجرجان هيجهم على الخروج زنديق يقال له؛ عمرو بن محمد العمركىّ «٣» ، فقتل عمرو المذكور بأمر الرشيد بمدينة مرو. وفيها توفي سيبويه إمام النحاة أبو بشر عمرو بن عثمان البصري، أصله فارسي وطلب الفقه والحديث ثم مال إلى العربية حتى برع فيها وصار أفضل