شهر رجب سنة اثنتين وأربعين ومائتين. فكانت ولاية عنبسة المذكور على مصر أربع سنين وأربعة أشهر.
قلت: وعنبسة هذا هو آخر من ولى مصر من العرب وآخر أمير صلّى فى المسجد الجامع، وخرج من مصر فى شهر رمضان وتوجه الى العراق سنة أربع وأربعين ومائتين.
*** [ما وقع من الحوادث سنة ٢٣٩]
السنة الأولى من ولاية عنبسة بن إسحاق على مصر وهى سنة تسع وثلاثين ومائتين- فيها نفى المتوكّل علىّ بن الجهم الى خراسان. وفيها غزا الأمير علىّ بن يحيى الأرمنىّ بلاد الروم- أعنى الذي عزل عن نيابة مصر قبل تاريخه، وقد تقدّم ذلك كلّه فى ترجمته- فأوغل علىّ بن يحيى المذكور فى بلاد الروم حتى شارف القسطنطينيّة، فأحرق ألف قرية وقتل عشرة آلاف علج وسبى عشرين ألفا وعاد سالما غانما. وفيها عزل المتوكّل يحيى بن أكثم عن القضاء وأخذ منه مائة ألف دينار، وأخذ «١» له من البصرة أربعة آلاف جريب. وفيها فى جمادى الأولى زلزلت الدنيا فى الليل واصطكّت الجبال ووقع من الجبل المشرف على طبريّة قطعة طولها ثمانون ذراعا وعرضها خمسون ذراعا فمات تحتها خلق كثير. وفيها حجّ بالناس عبد الله بن محمد بن داود العباسىّ، وهو يوم ذاك أمير مكّة. وفيها توفى محمد بن أحمد بن أبى دواد القاضى أبو الوليد الإيادى، ولّاه المتوكّل القضاء والمظالم بعد ما أصاب أباه أحمد بن أبى دواد الفالج، ثم عزل بعد مدّة عن المظالم ثم عن القضاء، كلّ ذلك فى حياة أبيه فى حال مرضه بالفالج. وأبوه هو الذي كان يقول بخلق القرآن وحمل الخلفاء على امتحان العلماء. وكان محمد هذا بخيلا مسّيكا مع شهرة أبيه بالكرم. وكانت وفاته فى حياة والده، وعظم مصابه على أبيه مع ما هو فيه من شدّة مرضه بالفالج حتى إنّه [كان] كالحجر الملقى.