على بابا (أعنى ملكهم) ، لأنّه كان مع جماعة من أهل بيته وخواصّه قد نجوا على ظهور الخيل. فلما انفصلت الواقعة وتحقّقت السودان أنّهم لا مقام لهم بهذه البلاد حتى يأخذوا لأنفسهم الأمان؛ فأرسل على بابا ملك السودان الى محمد بن عبد الله القمّى يسأله الأمان ليرجع الى ما كان عليه من الطاعة ويتدرّك له حمل ما تأخر عليه من المال المقرّر له لمدة أربع سنين، فبذل له محمد الأمان؛ وأقبل عليه على بابا حتى وطئ بساطه، فخلع عليه محمد خنعة من ملابسه وعلى ولده وعلى جماعة من أكابر أصحابه. ثم شرط عليه محمد أن يتوجّه معه الى بين يدى الخليفة المتوكّل على الله ليطأ بساطه؛ فامتثل على بابا ذلك، وولّى ولده مكانه الى أن يحضر من عند الخليفة؛ وكان اسم ولده المذكور ليعس «١» بابا. ثم عاد محمد بن عبد الله القمىّ بعسكره وصحبته على بابا حتى وصل الى مصر فأكرمه عنبسة المذكور، وكان خرج الى لقائه بأقصى بلاد الصعيد؛ وقيل: بل كان مسافرا معه وهو بعيد. فأقام محمد بن عبد الله مدّة يسيرة ثم خرج بعلى بابا الى العراق وأحضره بين يدى الخليفة المتوكّل على الله؛ فأمره الحاجب بتقبيل الأرض فامتنع؛ فعزم المتوكل أن يأمر بقتله وخاطبه على لسان التّرجمان: إنّه بلغنى أنّ معك صنما معمولا من حجر أسود تسجد له فى كلّ يوم مرتين، فكيف تتأبّى عن تقبيل الأرض بين يدىّ وبعض غلمانى قد قدر عليك وعفا عنك! فلما سمع على بابا كلامه قبّل الأرض ثلاث مرّات؛ فعفا عنه المتوكّل وأفاض عليه الخلع وأعاده الى بلاده. كل ذلك فى أيام ولاية عنبسة على مصر، وابتنى عنبسة فى أيام ولايته أيضا المصلّى «٢» المجاورة لمصلّى خولان وكانت من أحسن المبانى؛ ثم صرف عنبسة بيزيد بن عبد الله بن دينار فى أوّل