إلى الدّيار المصرية لتؤخذ منهم المكوس لا يلزم أنه لا يفعل معروفا آخر، وأما جميع ما أبطله ورسم بمنعه ففيه غاية الصلاح والتعظيم للبيت العتيق، أما منع الباعة بالحرم فكان من أكبر [المصالح و]«١» المعروف، فإنه كان يقوم الشخص فى طوافه وعبادته وأذنه ملأى من صياح الباعة والغوغاء من كثرة ازدحام الشّراة، وأما نصب الخيام فكان من أكبر القبائح، ولعل الله تعالى يغفر للملك الأشرف جميع ذنوبه بإبطال ذلك من الحرم الشريف، فإنه قيل إن بعض الناس كان إذا نصب خيامه بالمسجد الحرام نصب به أيضا بيت الراحة وحفر له حفرة بالحرم، وفى هذا كفاية، وأما تحويل المنبر فإنه قيل للسلطان إن المنبر فى غاية ما يكون من الثقل، وأنه كلما ألصق بالبيت الشريف انزعج منه وتصدّع، فمنع بسبب ذلك، وقد صار الآن يحول إلى القرب من البيت، غير أنه لا يلصق به، فحصلت المصلحة من الجهتين، وأما غلق أبواب المسجد فى غير أيّام الموسم إلا أربعة فيعرف فائدة ذلك من جاوره بمكة، ويطول الشرح فى ذكر ما يتأتى من ذلك من المفاسد، وإن كان فيه بعض مصلحة لسكان مكة- انتهى.
ثم فى رابع عشرين ذى الحجة قبض بالمدينة على أميرها الشريف خشرم بن دوغان ابن جعفر بن هبة الله بن جمّاز بن منصور بن جمّاز، فإنه لم يقم بالمبلغ الذي وعد به، واستقرّ عوضه فى إمرة المدينة الشريفة مانع بن على بن عطية بن منصور بن جمّاز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنّأ بن داود بن قاسم بن عبد الله بن طاهر بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن الحسين بن على بن أبى طالب [كرم الله وجهه]«٢» .
[ما وقع من الحوادث سنة ٨٣١]
ثم فى يوم الجمعة ثالث المحرم سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة قدم الحمل من جزيرة قبرس ومبلغه خمسون ألف دينار مشخّصة، فرسم السلطان بضربها دنانير أشرفيّة، فضربت بقلعة الجبل والسلطان ينظر إليها إلى أن تمّت.
ثم فى يوم السبت حادى عشر المحرّم المذكور ركب السلطان من قلعة الجبل بغير