قماش الخدمة ونزل إلى دار الأمير جانى بك الأشرفى الدّوادار الثانى بحدرة البقر «١» ليعوده فى مرضه.
ثم فى يوم الأربعاء ثانى عشرينه قدم الركب الأوّل من الحاج، وقدم المحمل من الغد ببقية الحاجّ، ومعهم الشريف خشرم فى الحديد، وقدم معهم أيضا الأمير بكتمر السّعدى من المدينة، وكان له بها من العام الماضى.
ثم فى يوم الثلاثاء ثانى عشر صفر من سنة إحدى وثلاثين خلع السلطان على قاضى القضاة محبّ الدين أحمد بن نصر الله البغدادى الحنبلى، وأعيد إلى قضاء الحنابلة بالديار المصرية بعد عزل قاضى القضاة عز الدين عبد العزيز الحنبلى «٢» ولم يكن عزل عزّ الدين المذكور لسوء سيرته بل إنه سار فى القضاء على طريق غير معتادة، وهو أنه صار يمشى فى الأسواق ويشترى ما يحتاجه بيده من الأسواق، وإذا ركب أردف خلفه على بغلته عبده، ويمر على هذه الهيئة بجميع شوارع القاهرة، وكان كثير التردد إلىّ فى كل وقت، لأنه كان من جمله أصحاب الوالد، فكان يأتى من المدرسة الصالحيّة ماشيا، ويجلس حيت انتهى به المجلس، فلم يحسن ذلك ببال أعيان الدّولة، وحملوه على أنه يفعل ذلك تعمدا ليقال، وقالوا للسلطان- وكان له إليه ميل زائد-: هذا مجنون، ولا زالوا به حتى عزله وأعاد القاضى محب الدين.
ثم فى يوم الثلاثاء تاسع عشر صفر المذكور ركب السلطان من القلعة بغير قماش الخدمة- وقد صار ركوب السلطان بغير قماش الخدمة عادة، وكان يقبح ذلك فى سالف الأعصار، وأول من فعل ذلك الملك الناصر فرج، ثم المؤيد، ثم الأشرف [هذا]«٣» .
انتهى- وسار حتى شقّ القاهرة ودخل من باب زويلة وخرج من باب النّصر إلى خليج الزعفران، فرأى البستان الذي أنشأه هناك، وعاد من خارج القاهرة على تربته