السنة الثالثة من سلطنة الملك الأشرف إينال على مصر وهى سنة تسع وخمسين وثمانمائة.
فيها توفى الأمير سيف الدين مغلباى بن عبد الله الشهابى، أحد أمراء العشرات- بطالا بالقاهرة- فى ليلة الخميس عاشر المحرم، وكان أصله من مماليك الشهابى أحمد بن جمال الدين «١» الأستادار، ثم أعتقه الملك الناصر فرج، ثم صار خاصّكيّا في الدولة الأشرفية برسباى، ثم تأمر في دولة الملك الظاهر جقمق، وصار من حزب ولده الملك المنصور في الفتنة مع الأشرف إينال، فأخرج إينال إقطاعه بهذا المقتضى ودام بطّالا إلى أن مات، وكان عاقلا ساكنا لا بأس به- رحمه الله تعالى.
وتوفى الأمير سيف الدين جلبّان بن عبد الله الأمير آخور نائب الشام بها في يوم الثلاثاء سادس عشر صفر، وقد ناهز الثمانين من العمر تخمينا، وفي معتقه وجنسه أقوال كثيرة، أما معتقه فقيل إنه من عتقاء الأمير تنبك الأمير آخور الظاهرى، وقيل سودون طاز، وقيل إينال حطب، وأما جنسه فالمشهور أنه چاركسى الجنس، وقيل غير ذلك، ثم خدم جلبّان المذكور عند الأمير چاركس القاسمى المصارع، ثم عند الوالد «٢» ، ثم عند الملك المؤيّد شيخ أيام إمرته، فلما تسلطن المؤيد جعله أمير آخور ثالثا، ثم أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالدّيار المصريّة، ثم خرج إلى البلاد الشّاميّة مجرّدا إليها مع من خرج من الأمراء، صحبة الأتابك ألطنبغا القرمشى، وقبض عليه مع من قبض عليه من الأمراء المؤيّدية، وحبس بالبلاد الشّامية إلى أن أطلقه الملك الأشرف برسباى، وجعله أمير مائة ومقدّم ألف بدمشق.