نكين على إمرة مصر لثالث مرّة. وكانت ولاية محمود هذا على مصر ثلاثة أيام، على أنه لم يبتّ فيها أمراء قلت: ومتى تفرّغ «١» للنظر في الأمور! فانه يوم لبس الخلعة جلس فيه للتهانىّ، ويوم عزل للتآسى؛ فإمرته على هذا يوم واحد وهو يوم الاثنين، فما عسى [أن] يصنع فيه!. وكان مؤنس الخادم حضر إلى مصر في عسكر من قبل الخليفة المقتدر في سنة ثمان وثلثمائة، فصار يدبّر أمرها ويراجع الخليفة.
[ذكر ولاية تكين الثالثة على مصر]
ولما عزل مؤنس الخادم تكين هذا بأبى قابوس في ثالث عشر شهر ربيع الأوّل سنة تسع وثلثمائة بغير جنحة عظم ذلك على المصريين، فلم يلتفت مؤنس لذلك وولّى أبا قابوس على إمرة مصر عوضه، فكثر الكلام في عزل تكين المذكور وولاية أبى قابوس حتى أشيع بوقوع فتنة؛ وتكلّم الناس وأعيان مصر مع مؤنس الخادم في أمر تكين وخوّفوه عاقبة ذلك وألحّوا عليه في عوده، فأذعن لهم بذلك وأعاده فى يوم الثلاثاء سادس عشرين شهر ربيع الأوّل على رغمه حتى أصلح من أمره ما دبّره من أمر المصريين، وقرّر مع القوّاد ما أراده من عزل تكين المذكور عن إمرة مصر، ولا زال بهم حتى وافقه الجميع؛ فلما رأى مؤنس أن الذي رامه تمّ له عزله بعد أربعة أيام من ولايته، وذلك في يوم تاسع عشرين شهر ربيع الأوّل وهو يوم سلخه من سنة تسع وثلثمائة. ثم بدا لمؤنس إخراج تكين هذا من الديار المصريّة خوف الفتنة، فأخرجه منها إلى الشأم في أربعة آلاف من أهل الديوان؛ وبعث مؤنس إلى الخليفة يعرّفه بما فعل؛ فلما بلغ الخليفة ذلك ولّى على مصر الأمير هلال آبن بدر الآتى ذكره، وأرسله إلى الدّيار المصريه.