السنة الأولى من ولاية الملك المنصور محمد ابن الملك العزيز عثمان ابن الملك الناصر يوسف على مصر، وهى سنة خمس وتسعين وخمسمائة، على أنّ الملك العزيز والده حكم منها نحو العشرين يوما من المحرّم كما تقدّم ذكره.
فيها حجّ بالناس من بغداد مظفّر الدين وجه السّبع.
وفيها كانت وفاة الملك العزيز عثمان حسب ما تقدّم ذكره فى ترجمته.
وفيها توفّى يحيى بن علىّ بن الفضل أبو القاسم بن فضلان مدرّس النّظاميّة، كان فقيها بارعا، قدم بغداد وناظر وأفتى ودرّس، وكان مقطوع اليد، وقع من الجمل فعملت عليه يده فحيف عليه فقطعت. وكانت وفاته فى شعبان. ومن شعره:
- رحمه الله تعالى-:
وإذا أردت منازل الأشراف ... فعليك بالإسعاف والإنصاف
وإذا بغى باغ عليك فخلّه ... والدهر فهو له مكاف كاف
وفيها توفّى يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن الملك المنصور أبو يوسف صاحب المغرب. كان ملكا مغازيا مجاهدا، وهو الذي كسر ألفنش ملك الفرنج المقدّم ذكره على الزّلّاقة، وهو أعظم ملوك المغرب وأحسنهم سيرة لما كان جمع من المحاسن: الدّين والصلاح والشجاعة والكرم والحزم والعزم، ودام فى ملكه إلى أن مات فى شهر ربيع «١» الأوّل بعد أن أوصى بالملك إلى ولده أبى عبد الله محمد.
وكانت مدّة أيامه خمس عشرة سنة. وفيه يقول شاعره أبو بكر «٢» يحيى بن عبد الجليل